recent
أخبار ساخنة

مجزوءة السياسة

عن إدارة الموقع
الصفحة الرئيسية
الدولة                               _السياسة
الدولة بين الحق والعنف
طبيعة السلطة السياسية
مشروعية الدولة وغاياتها
تشتغل الدولة عبر عدة مؤسسات واجهزة لفرض السلطة والنظام العام بهدف الحفاظ على الامن والسلم والتعايش داخل المجتمع. لكن كيف تمارس الدولة سلطتها ؟ هل انطلاقا من الترهيب والتخويف . ام انطلاقا من العنف اللازم والضروري لبسط سيادة الدولة ؟ وهو مايسمى العنف المشروع ؟
* يندرج "ماكس فيبر" ضمن تصور السوسيولوجيا السياسية وهو تصور يسعى الى مقاربة اشكالية الدولة بين الحق والعنف .حيث ينطلق " فيبر" من مقولة ماركسية مفادها "كل دولة تنبني على القوة " فتبعا لهذا نجد الدولة تستمد سلطتها من القوة التي تمارسها بهدف بسط هيبتها وسيطرتها لاجل الحفاض على النظام العام والاستقرار الاجتماعي حيث تشكل هذة القوة حكرا على الدولة وهذا ما دفع " فيبر" الى ان ينعتها ب "العنف المشروع" فهو عنف تمارسه الدولة باسم القانون هكذا اذن تستمد الدولة سلطتها من القوة والعنف والتسلط الا انه عنف مشروع يمارس بأسم  القانون.
* تنخرط الباحثة الفرنسية "جاكلين روس" في السجال المتعلق باشكالية الدولة بين الحق والعنف ، وفي هذا الاطار نجدها تميز بين نوعين من الدول : فهناك الدولة التقليدية وهناك الدولة العصرية.
تتميز الدولة التقليدية بطبيعتها الاستبدادية ، فهي دولة مطلقة وشمولية تختزل كل السلط في يد واحدة وهذا ما يجعل منها دولة مستبدة تمارس العنف والقهر على مواطنيها الذين يتحولون الى مجرد رعايا ووسائل في خدمة الدولة .بخلاف هذا تتحدد الدولة العصرية بطبيعتها الديموقراطية فهي دولة الحق والقانون انها تستمد مشروعيتها من الحق والقانون وذالك من خلال الفصل بين السلط  و عبر احترام مواطنيها باعتبارهم ذوات عاقلة وأخلاقية. ان دولة الحق والقانون تنظر للمواطن كغاية في ذاته وبهذا تتحول الدولة إلى وسيلة لخدمة المواطنين .
* ينتهي الفيلسوف الفرنسي " بول ريكور" في تصوره لاشكالية الدولة بين الحق والعنف الى اعتبار ان الدولة هي تركيب تاريخي وعقلاني انها تنطوي في ذاتها على مفاهيم العنف والقوة والسلطة ومفاهيم الحق والحرية والقانون فالدولة كمعطى تاريخي جسدت اشكال القهر والعنف والاستبداد وعبر هذه الوسائل ارسلت هياكلها غير ان الدولة لاتشكل فقط معطى تاريخي للقهر والعنف انها كذلك عقلاني تقوم بتربية المواطن تربية اساسها الحرية والحق والقانون فالدولة في هذا المستوى تنظر إلى المواطن ككائن عاقل قادر على استيعاب مبادئها المتمثلة في الحق والحرية القانون وعليه فالدولة حسب بول ريكور هي تركيب تاريخي وعقلاني ينطوي في ذاته على العنف والحق والقوة والقانون المتسلط والحرية .

ان الحدبت عن الدولة يدعونا الى التساؤل عن طبيعتها و عن طبيعة السلطة السياسية داختها.فما هي طبيعة السلطة السياسية؟ هل تستمد من السلطة التشريعية؟ ام التنفيدية؟.
*" بندرج جون لوك" ضمن فلاسفة العقد الاجتماعي شانه في ذلك شأن توماس هوبز ثم جون جاك روسو فقد بنا تصوره للدولة والسلطة والسياسة اعتمادا على  مرورية العقد الاجتماعي .تنشأ الدولة حسب "جون لوك" انطلاقا من تعاقدات اجتماعية تعبر عن إرادة الأغلبية  واذا كانت الدولة تنشأ عبر هذا التعاقب الاجتماعي الذي يتنازل فيه الافراد عن جزء من حريتهم وقسط من قوتهم لصالح الدولة التي تتمثل في حكومة شرعية تمارس السلطة السياسية.
* يندرج تصور "مونتسكيو" ضمن تصورات فلاسفة الانوار حول الدولة و السلطة السياسية.فاذا كانت الدولة هي الاطار القانوني للمجتمع المدني السياسي فعليها ان تحافض على توازن المجتمع من خلال الفصل بين السلط التي يختزنها" مونتسكيو" في ثلات انواع من السلط هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية المتعلقة بحقوق الناس والسلطة التنفيذية المتعلقة بالحق المدني .فاذا كانت السلطة التشريعية تسهر على سن القوانين او التشريعات فان السلطة التنفيذية من وضيفتها السهر على احترام الحقوق والحريات وذلك وفق مبدأ سياسي يثمثل في الفصل بين السلط حتى لايتحول الحاكم الى مشروع وقاضي الى منفذ.فمتى اجتمعت هذه السلط في يد واحدة او هيئة واحدة كان مآلها الضياع وانقلبت الى استبداد .
* يندرج عالم الاجتماع الفرنسي "آلان  تورين " ضمن التصور السسيولوجي المعاصر الذي ينتقد طبيعة السلطة السياسية اذ يعتبر ان مفهوم الديمقراطية لايقف عند مستوى الشعارات التي تخفي ورائها نظما سياسية كليانية تتسم بالشمولية والقمع والتسلط ومصادرة حقوق الناس والغاء حريتهم فالديموقراطية الحقيقية هي التي تتجرد من الشعارات الفضفاضة لتكرس سياستها لخدمة الحقوق الثقافية والمدنية والاجتماعية للمواطنين فالديموقراطية الحقيقية تنهض المبادئ التالية :
 - الاعتراف بالحقوق الاساسية التي ينبغي احترامها .
- الاعتراف بالتمثيلية الشرعية والسياسية للمواطنين.
- الاعتراف بحقوق المواطنة التي هي تعبير عن الحقوق الاجتماعية .
بهذا فقط يمكن الحديث عن مفهوم صحيح للديموقراطية بعيدا عن السلطة السياسية الكليانية المتمثلة في الحزب الواحد والقائم على السطة المطلقة والاستبداد .
 إن الحديث عن الدولة يدعونا بالضرورة إلى الحديث عن طبيعتها .فما هي طبيعة الدولة ومن أين تستمد مشروعيتها ؟ وما هي غاياتها ؟
* يؤسس " جون لوك " تصوره لاشكالية مشروعية الدولة من خلال اعتبار ان تلك المشروعية لاتستمد من أي سلطة خارجية كما قد يعتقد في نظرية الحق الالاهي التي ترى بأن مشروعية الحاكم تستمد من تفويض الاهي . ان مشروعية الدولة حسب جون لوك ومن خلال فلسفة العقد الاجتماعي ل " جون لوك + توماس هوبز + جون جاك روسو " تنظر الى ان مشروعية الدولة تستمد من حشد الناس اليها وذلك بدافع من ضرورة حماية من الناس وسلامتهم وحرياتهم وممتلكاتهم.وهكذا اذن تستمد الدولة مشروعيتها من حاجة داخلية اليها.
* ينخرط الفيلسوف الهولندي "سبينوزا" في هذا السجال المتعلق بمشروعية الدولة وغاياتها اذ يرى " ان الغاية القصوى من تأسيس الدولة ليست السيادة او ارهاب الناس ... فالغاية الحقيقية من قيم الدولة هي الحرية " نفهم من هذا الكلام ان الطبيعة الانسانية تتحدد بالحرية وعليه يتوجب على الدولة ان نجعل من غاياتها الحفاض على هذة الحرية وذلك بتطويرها وجعلها متلائمة مع مقتضيات العقل فالحرية التي يتحدث عنها " سبنوزا " ليست الحرية الطبيعية المطلقة العمياء والمتوحشة بل الحرية الاخلاقية التي لاتتعارض مع قوانين العقل والاخلاق فهذه هي الحرية التي تشكل غاية الدولة .
* ينظم الفيلسوف الالماني " هيجل " الى هذا الجدال حول طبيعة الدولة فيرى ان دور الدولة و وضيفتها لايتوقفان عن الحماية والامن كما لايجسدان  فرض السيادة على العنف و القمع والاكراه بل ان وضيفة الدولة تتمثل في اشاعة القيم الروحية والمبادئ العقلية وهي قيم عليا  ومبادئ سياسية بالنسبة للمجتمع وذالك حتى يتمكن الانسان من الشعور بإنسانيتها تبعا لهذا نجد "هيجل" ينظر للدولة كروح موضوعية انها روح الشعب التي يتشبع بها الفرد ويستمد منها اخلاقه وسلوكاته فالدولة اذن هي تعبير عن الاخلاق والارادة العامة والروح العامة للافراد وهي روح تشعر الانسان بخصوصيته وطبيعته الانسانية .    


العنف_السياسة
العنف والمشروعية
العنف في التاريخ
أشكال العنف
- اذا كان العنف مرتبطا بالطبيعة الانسانية ومتجسدا في التاريخ الانساني بحيث اخذ عدة اشكال داخل هذا التاريخ . نتسائل كيف يتم العنف في التاريخ وبالتالي من اين يستمد مشروعيته؟
* تتحدد مصادر مشروعية السلطة حسب " ماكس فييبر " انطلاقا من ثلات مصادر يجملها في ما يلي : 1 السلطة التقليدية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من النمودج التقليدي الذي كان يشكل فيه الشيخ او الاب او الراشد سلطة يستمدها من السلطة المعنوية بحث تشكل سلوكاته وافعاله نمودجا يجب على القاصر احترامه والخضوع له . 2  السلطة الكارزمية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من تلك الصفة الكارزمية التي تميز الانبياء والمفكرين او القادة والساسة المتهمين.
3 السلطة التمثيلية : وهي سلطة تستمد مشروعيتها من الانتخابات التي تفرز  نخبا  و منتخبا بطريقة ديموقراطية ولعل هذا الشكل من السلطة هي مايجب ان يطبع الدولة الحديثة
اذن واعتبارا لهذا فمصادر السلطة حسب "ماكس فييبر" تتعدد ومن تم تتعدد مشروعيتها .
*  يأخذ العنف حسب " جوليان فرويد" عدة اشكال فهو يراوح مكانه بين العنف والمشروعية وهذا ما يفهم من خلال الدولة التي تسعى الى الهيمنة والسلطة باستعمال ما يسميه "ماكس فييبر " العنف المشروع . تستعمل الدولة من اجل شرعنة العنف جملة من الوسائل المتمثلة في الاسرة  والتربية والاقتصاد وكل ذلك يتم باسم الديموقراطية و القانون . فمن احداث التوازن في المجتمع تسعى الدولة الى عقلنة وشرعنة العنف وذلك باسم الديموقراطية والقانون .
* يبني السوسيولوجي الامريكي "رالف لنتون " تصوره حول العنف من خلال اشكالية العنف والمشروعية داخل المجتمع اذ يرى ان اساس العنف في المجتمع يرتبط بالمنازعات الاجتماعية التي يمكن ان تتخذ شكلا فرديا او شكلا جماعيا.الا ان العنف كمظهر من مظاهر العدوان في الانسان نجد المجتمع يرفضه بل يعمل نبذه عبر السخرية من ممارسه ومرتكبه .غير ان العنف الذي ياخذ شكل عراك او شجار عفوي يرفضه المجتمع .تتحول اداة العنف الى عنف مقبول اجتماعيا وذلك حينما يتحول الى عنف مقنن بجملة من القواعد تجعل منه عنفا مشروعا وهذا ما يتمثل في اشكال العنف التي يتبناها المجتمع كفرجة تخضع للتشجيع والتحفيز والتحميس...هكذا اذن يراوح العنف مكانه داخل المجتمع بين الرفض والقبول ، بين العشوائية والتقنين .
- تأسيسا على ما سبق يمكننا ان نستشف بان العنف يتجدر في الطبيعة الانسانية ومن تم فهو مرتبط بالتاريخ الانساني غير ان العنف قد وجد في المجتمع اشكالا من القبول واخرى من الرفض الا ان ابرز شكل لممارسة العنف هو ذلك الذي تمارسه وتحتكره لنفسها باسم القانون والحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه .
- اذا كان العنف هو ذالك النزوع العدواني الطبيعي في الانسان والذي تقوده رغبة في تدمير الآخر ، فانه قد اخذ أشكالا متعددة في التاريخ . فكيف ارتبط العنف بالتاريخ الانساني ؟
* يؤسس الفيلسوف الانجليزي " توماس هوبز" تصوره حول اشكالية العنف في التاريخ انطلاقا من الوقوف عند طبيعة النفس الانسانية التي يعتبرها طبيعة شريرة مسكونة بالعنف والعدوان والأنانية
لقد كانت الحالة الطبيعية للإنسان حالة مطبوعة بالصراع والنزاع والفوضى انها حالة تجسد " حرب الجميع ضد الجميع " .
غير ان هذه الحالة لم تختفي تماما حينما انتقل الإنسان إلى الحالة المدنية السياسية التي اتسمت بظهور الدولة فبالرغم من وجود الدولة ظل الانسان يعيش حالة من العنف تتجلى بالاساس في نزوعه الدائم الى النزاع والصراع والحرب .نفهم من هذا ان العنف يسكن في التارخ البشري منذ الحالات البدائية الاولى للانسان الى الحالات الاكثر تحضرا.
* ينخرط الفرنسي "بيير فارنييه "ضمن هذا السجال المرتبط باشكالية العنف في التاريخ اذ يرى ان العنف متجدر في التاريخ فهو يتم عادة من اجل السيطرة والنفوذ وتدمير الاخر ومادام العنف يشكل حاجة انسانية فان الإنسان قد يسعى إلى تقنينه باسم الاخلاق وهكذا فكل الحروب التي عرفها التارخ الانساني تمت باسم الاخلاق ، بالرغم من ان الحرب في حد ذاتها هي فعل بشع لا اخلاقي .
هكذا اذن يأخذ العنف مستوى من الشرعية والمصداقية حينما يتم باسم الاخلاق ودفاعا عنها اذن كل حرب هي ملزمة برفع شعار الاخلاق من اجل تبرير اهدافها ودوافعها.
* ينظم عالم الاجتماع البريطاني " انطوني جيدنز" الى هذا السجال حول طبيعة واشكال العنف في التاريخ ، فاذا كان" توماس هوبز" قد ربط العنف في التاريخ بالطبيعة الانسانية الشريرة التي تنزع دوما الى الصراع والحرب وكذا" بيير فارنييه " قد ربط العنف بالاخلاق فهو يمارس دائما باسم شعارات اخلاقية فان "جيدنز" يعتبر ان العنف مورس في التارخ باسم الشرف .وهكذا فمعظم النزاعات والصراعات بل والحروب تمت باسم الشرف وهذا ما جعل من المرأة في المجتمعات الابوية تشكل مصدرا للعار و هذا ما جعل منها موضوعا للعنف و مصدرا له في نفس الوقت.
- استنادا إلى ما تقدم يمكننا ان نخلص الى القول بان العنف قد ارتبط بالتاريخ الانساني لانه يرتبط بالطبيعة الانسانية. وهكذا فقد تجسد العنف في التاريخ واخذ اشكالا تاخذ شكل النزاعات والصراعات والحروب يتم تقنيتها اجتماعيا اما باسم الاخلاق او باسم الشرف. 
 - الحديث عن العنف بجرنا إلى التساؤل عن طبيعته في الإنسان و عن أشكاله في التاريخ الإنساني فاذا  كان العنف هو شكل من الاستعمال السيئ للقوة وذلك بدوافع عدوانية تدميرية تسعى إلى إخضاع الآخرين.
فما هي أشكال العنف؟ وهل العنف يرتبط بالطبيعة الإنسانية ؟ أم انه مجرد معطى مكتسب يرتبط بحيثيات وملابسات الظروف التي يحياها الإنسان.
* ينطلق الفيلسوف الألماني"اريك   فروم " في تصوره لمفهوم العنف من خلال النظر إلى العنف كنزعة قومية تدميرية كامنة في الإنسان وتشتغل من خلال تفاعلها مع معطيات و ملابسات خارجية . فالعنف إذن يرتبط بالطبيعة الإنسانية من حيث هو رغبة في تدمير الآخر وتعطش للدماء وشغف بالتحطيم فالإنسان إذن من خلال طبيعته هو كائن عدواني.لقد ارتبط العنف بالإنسان منذ القدم فعبر عنه بأشكال ترتبط بممارسات وشعائر طقوسية  تأخذ منحى دينيا تارة ومنحى سياسيا أو حربيا تارة أخرى هكذا إذن يرتبط العنف بالطبيعة الإنسانية باعتباره نزعة تدميرية.
* يؤسس" فرويد" تصوره حول إشكالية العنف انطلاقا من مرجعية التحليل النفسي بحيث يعتبر أن العنف سلوك طبيعي في الإنسان يعبر عن نزوعه   العدواني الذي يأخذ شكلا فرضيا حينما يرتبط بغرائز الفرد العدوانية و هي غرائز ترتبط بالتهديد و الانهيار و التدمير كما أن العنف يأخذ شكلا جماعيا حينما يرتبط بالنزوع العدواني للجماعات أو الطوائف أو الشعوب التي تضطهد الآخرين بغزواتها و حروبها رغبة منها في السيطرة و الإخضاع. إذن حسب فرويد فالعنف نزوع عدواني عند الإنسان يعبر عن رغباته وغرائزه المتمثلة في حب التملك و السيطرة و تدمير الآخر.
* ينظم عالم الاجتماع الفرنسي" بودريار" الى  الاشكال المتعلق باشكال العنف فيرى ان العنف متجدر في الطبيعة الإنسانية ، فهو قد يأخذ اشكال الحروب كالحرب العالمية الاولى او الثانية او الحرب الباردة غير انه يأخذ كذلك شكل الارهاب الذي هو تعبير عن نزوع لا اخلاقي وشرير يهدف الى تدمير الاخر غير ان هذا الشر قد يواجه بشر اعنف منه وذلك ضمن ثنائية انسانية ابدية هي ثنائية الخير والشر.وهكذا اذن يأخذ العنف منحى طبيعي لانه يرتبط بالطبيعة الانسانية.
-  نستشف مما سبق ان العنف في التاريخ يتخذ اشكالا متعددة وهي اشكال تعبر عن الطبيعة العدوانية للانسان ، فالعنف هو نزع تدميرية تعبر عن رغبة الانسان في  السيطرة والسيادة والتهديد والتدمير انه كما يقور "فرويد" نزوع طبيعي عدواني في الانسان، هذا النزوع الذي قد يأخذ مظهرا فرديا او جماعيا حينما تحاول جماعة انسانية ابادة جماعة اخرى .




الحق والعدالة_السياسة
العدالة بين المساواة والانصاف
العدالة كأساس للحق
الحق بين الطبيعي والوضعي
- إن الحديث عن الحق يجرنا بالضرورة إلى الحديث عن العدالة وفي هذا السياق نتساءل كيف تتحقق العدالة ؟ وكيف تراوح مكانتها بين الإنصاف والمساواة ؟ بعبارة أخرى هل تحقق العدالة يتم بالاعتماد على الإنصاف أي بإعطاء لكل ذي حق حقه ام يتم بالاعتماد على المساواة ؟
* يؤسس " افلاطون" تصوره لاشكالية العدالة بين الانصاف والمساواة اذيعتبر ان العدالة هي اساس المجتمع مادامت ترتبط بالواجب والشجاعة والحكمة لكن كيف يمكن ان تتحقق العدالة داخل المجتمع ؟
ينظر افلاطون الا ان العدالة في المجتمع ترتبط بما يؤديه كل فرد من وضائف ومهام وادوار تكون مناسبة لقواه العقلية والجسدية والنفسية فليس من العدالة ان ننسب وضيفة او مهمة داخل المجتمع لفرد لايمتلك المؤهلات لمزاولتها فالانصاف كل الانصاف ان تتناسب الوظائف والمهام الاجتماعية تبعا لمؤهلات الفرد النفسية والجسدية والعقلية ومن ثم يجب ان يمارس النبلاء والسادة مهام ترتبط بطبيعتهم العقلية كما على الجنود ان يمارسو مهامهم تبعا لطبيعتهم الجسدية في حين يبقى على العبيد ان يمارسو اعمالا تتماشى مع طبيعتهم النفسية .هكذا اذن فالعدالة الاجتماعية لا ترتبط بالمساواة بين الناس بل عبر الإنصاف الذي يراعي خصوصيته للأفراد ومؤهلاتهم النفسية والعقلية والجسدية.
* يؤسس التصور الفلسفي عند "دافيد هييوم" حول اشكالية العدالة بين المساواة والانصاف من خلال اعتبار العدالة شكلا يحقق التوازن انها توسط بين العام والخاص بين الفرد والجماعة فالعدالة حسب "دافيد هيوم" هي التي تمكن من تحقيق التوازن بين الحرية الفردية والحرية العامة فضلا عن تحقيق التوازن بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة فالعدالة الحقه تلك التي تضع حدودا فاصلة بين ما هو عام وما هو خاص دون ان يقع ويحدث تعارض بينهما .
* ينظم الفيلسوف الأمريكي " راولز " الى مناقشة هذه الاشكالية المتعلقة بمفهوم العدالة بين المساواة والانصاف بحيث يعتبر ان العدالة قابلة للتحقق في مجتمع ديمقراطي تحكمه المؤسسات فالعدالة تتحدد من خلال المساواة والحريات.وذلك باعتبارها شكلا يحقق الانصاف داخل المجتمع دونما أي تمييز بين المواطنين اللهم من خلال الكفأت و المهارات والقدرات التي تميز كل فرد عن الاخر هكذا اذن تتحقق العدالة داخل المجتمع الديموقراطي.
 

- إذا كان الحق تلك القيمة الأخلاقية المعيارية التي يسعى الإنسان إلى بلوغها وتحقيقها في المجتمع فان الحق يظل بعيدا عن المجتمع بحيث يتحول  إلى قيمة ترتبط بما ينبغي أن يكون بدلا من ما هو كائن إلا أن المجتمع يظل مع ذلك في حاجة إلى عدالة تحفظ توازنه ووحدته وتماسكه إذن واعتبارا لهذا فكيف يتقاطع الحق مع العدالة ؟
* يؤسس الفيلسوف الفرنسي" ألان" تصوره لإشكالية الحق والعدالة من خلال النضر إلى الحق ليس بوصفه قيمة معيارية يرتبط بما ينبغي أن يكون بدلا من ما هو كائن فالحق لا يتخذ مصداقيته وشرعيته إلا إذا ارتبط بالواقع  بحيث تتمثل قيمة الحق في تلك القيمة التي يستمدها من سلطته وعدالته التي يجب أن يكون معترفا بها من قبل سلطة حاكمة . فلا يكفي الإنسان أن يغلق تشبثه بحقه في شيء ما بل يجب أن يثبت بحقه ذلك من خلال سلطة حاكمة تعترف به له بعدالته ومصداقية حقه . هكذا إذن يمكن للحق أن يتجسد في الواقع حينما يعترف به من قبل سلطة عليا.
* لقد انتبه الفيلسوف و رجل الدولة الروماني" شيشرون" إلى الفرق و التمييز بين العدالة الطبيعية و المؤسساتية، فالعدالة الطبيعية تكرس الحق الذي نمجده بالعقل و تستحسنه فنكن له الحب و الاحترام بخلاف العدالة التي تكرس الحق المؤسساتي، فالمؤسسات لا تعمل على إحقاق الحقوق بل تعمل على تفويت الحقوق على أصحابها لأنها تشتغل وفق قوانين وضعية أساسها المنفعة الشيء الذي يفضي إلى الظلم.        هكذا إذن فالعدالة الطبيعية حسب شيشرون هي العدالة الحقة أما العدالة المؤسساتية فهي عدالة باطلة.في هذا السياق يقول" شيشرون",لا يوجد عبت اكبر من الاعتقاد بأن كل ما هو منظم بواسطة المؤسسات أو قوانين الشعوب عادل.
* ينطوي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على كونية هذه الحقوق بحيث لا يجوز تفويتها لطرف على حساب طرف آخر. فمن خلال مواد هذا الإعلان تتبين بأن الحق و العدالة يشكلان مفهومين متداخلين بحيث تشكل العدالة أساسا للحق و هذا ما يمكن أن نلمسه من خلال ضرورة تمتع  كل الناس بجميع الحقوق و ذلك على قاعدة العدالة و المساواة دونما أي تمييز بين الناس من خلال اللون أو العرق أو الجنس أو الدين أو العقيدة الفكرية أو المذهبية ...              هكذا ينطوي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ضرورة التداخل بين مفهومي الحق و العدالة. 
- اعتبارا لما سبق يمكننا أن نخلص حول إشكالية العدالة كأساس للحق إلى الخلاصات التالية : - حينما يرتبط الحق بالواقع فهو يحتاج إلى سلطة تدعمه، فهو يستمد عدالته من خلال اعتراف سلطات قائمة في المجتمع.   – بمكن التمييز بين الحق القائم على العدالة الطبيعية و الحق القائم على العدالة المؤسساتية حيث أن الحق القائم على العدالة الطبيعية يكون منصفا و عادلا أما الحق القائم على العدالة المؤسساتية فيكون ظالما و باطلا. 
- إذا كان الحق قيمة أخلاقية معيارية يسعى الإنسان إلى بلوغها فان الحق كمفهوم فلسفي ظل يشكل بؤرة إشكالية تستوجب على عدة مفارقات .ولعل أبرزها هي كيف تتقاطع داخل الخط ما هو طبيعي بما هو وضعي ؟ على أي أساس يقوم الحق ؟ هل على ما هو طبيعي أم على ما هو وضعي ؟
* يؤسس " توماس هوبز" تصوره حول إشكالية الحق بين ما هو طبيعي وما هو وضعي انطلاقا من رصده لمفهوم الحق الطبيعي في الحالة الطبيعية للإنسان فما هي صفات وملامح الحق الطبيعي ؟
 يتحدد الحق الطبيعي حسب " توماس هوبز" من اعتباره حقا يتأسس على القوة المطلقة والحرية العمياء والشهوة والغريزة المتوحشة فهو إذن حق مطلق يكرس حق القوة وحق البقاء للأقوى. إن هذا النوع من الحق يؤدي في آخر المطاف إلى حالة من الصراع والفوضى والعنف ما دام يخضع للمنطق والقوة والحرية والشهوة الشئ الذي يجعل الحريات والقوى تتعارض وتتصادم في ما بينها مم يخلق حالة من الحرب المفتوحة إنها "حرب الجميع ضد الجميع " كما يقول توماس هوبز.إذن وبناءا على هذا فالحق الطبيعي هو حق يكرس حق القوة بدلا من قوة الحق .
* يساهم الفيلسوف الهولندي " سبينوزا" في هذا السجال المتعلق بإشكالية الحق بين ما هو طبيعي وما هو وضعي ثقافي واجتماعي إذ يرى إن الإنسان شأنه في ذلك الشأن شأن باقي الحيوانات كان يحيى ويعيش وفق قوانين الطبيعة القائمة على القوة والبطش والصراع ضمن شريعة الطبيعة المتمثلة في قاعدة البقاء للأقوى .غير إن الإنسان وبدافع من العقل ومقتضياته اهتدى إلى التخلي عن الحالة الطبيعة المطبوعة بحق القوة ونزوع الشهوة لصالح الحالة المدنية السياسية المطبوعة بالتشريعات والقوانين الوضعية والأخلاقية .
* ينظم "جون جاك روسو " إلى مناقشة هذه الإشكالية المتعلقة بمفهوم الحق بين ما هو طبيعي وما هو وضعي واجتماعي وأخلاقي من اجل بيان تصوره يفترض "جون جاك روسو" وجود حالات مر بها الإنسان وهي ثلاث حالات : 1 الحالة الأصلية وهي حالة من المساواة واللاتفاوتات بين الناس بحث كان يعيش أفراد العشيرة البدائية في حالة  من الوداعة والسعادة والطيبوبة إذ لم يكن هناك من دافع إلا اقتتالهما وتناحرهما. 2 الحالة الطبيعية :وهي حالة ارتبطت بظهور الملكية الخاصة التي خلقت أشكالا من التفاوت واللامساواة بين الناس الشيء الذي خلق حالة من العنف والسلطة النرهيب والصراع والتناحر بينهما فالحالة الطبيعية إذن هي حالة تكرس الحق الطبيعي القائم على حق القوة والعنف والبطش والاستبداد . 3 الحالة المدنية السياسية: أمام حالة الصراع والفوضى التي ميزت الحالة الطبيعية للإنسان اهتدى هذا الأخير إلى خلق مجتمع تسوده القوانين والتشريعات التي تأطر حيات الناس وتضمن أمنهم وسلامتهم وحياتهم واستقرارهم . 


المشاركات الأخيرة

google-playkhamsatmostaqltradent